Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

نتائج التصويت على تقرير غولدستون: إنتصار فلسطيني في الجولة الاولى من معركة مصيرية طويلة الامد وقاسية!!

par kaddour 20 Octobre 2015, 20:05 د. أحمد سعد تقرير غولدستون مقالات المفاوضات الفلسطينية-الاسرائيلية

 

د. أحمد سعد

 

أسفرت نتائج الجولة الاولى من الصراع على مصير تقرير لجنة تقصي الحقائق للجنة حقوق الانسان الدولية المعروفة باسم رئيسها القاضي ريتشارد غولدستون، عن انتصار ساحق لنصرة الحق الفلسطيني وهزيمة نكراء للمجرم الاسرائيلي وسنده الامريكي. فقد جرى التصويت في الجلسة الاستثنائية للجنة حقوق الانسان الاممية التي جرت يوم الجمعة 16-10-2009 على اقتراح مقدم من الوفد الفلسطيني ومجموعة الوفود العربية والافريقية يطالب باقرار التقرير الذي في جوهره الاساسي ادانة اسرائيل الرسمية السياسية والعسكرية بارتكاب جرائم حرب، جرائم ضد الانسانية في الحرب الهمجية المسمّاة "الرصاص المصبوب" ضد المدنيين الفلسطينيين وضد البنية المدنية الفلسطينية في قطاع غزة، كما يطالب بنقل التقرير الى مجلس الامن الدولي ومحكمة لاهاي الدولية للبت في مصير المجرم بحق الانسانية، محاكمته واقرار أي عقاب يستحقه.
ما نود تأكيده انه يجب عدم المبالغة وتصوير وتقييم نتائج التصويت في جنيف وكأنها انجزت الهدف الاستراتيجي بمعاقبة المجرم الاسرائيلي، فالمعركة الاساسية قد بدأت وقد ربح الطرف الفلسطيني الجولة الاولى وهُزم تحالف الاجرام الاسرائيلي – الامريكي، ولكن المعركة لم تنته بعد وستكون طويلة الأمد ومعقدة وقد تصطدم بطلعات ونزلات، بمناورات ومؤامرات، فالعدو لم يلق ِ سلاحه، خاصة بعد هزيمته المجلجلة في التصويت على تقرير لجنة غولدستون الاممية اذ صوت مع القرار ونقله الى مجلس الامن الدولي مندوبو 25 دولة وعارض التصويت مندوبو ست دول فقط وامتنعت 11 دولة عن التصويت وبضمنها دول من الاتحاد الاوروبي امثال بريطانيا. صحيح انه يجب عدم المبالغة في الانجاز المحقق والقاء السلاح "قبل الحج بمرحلة"، ولكن من ناحية ثانية فانه من حيث الاهمية السياسية والمدلول السياسي فانه يجب عدم التقليل من الاهمية السياسية للمكسب الذي تحقق والذي – حسب رأينا، يكتسب بعدا استراتيجيا عالميا، فنتائج التصويت في لجنة حقوق الانسان الاممية تعني من حيث مدلولها السياسي ما يلي:
* أولا، انها سابقة استراتيجية هامة في توجيه ضربة في الصميم الى مجرمي استراتيجية عولمة ارهاب الدولة المنظم التي انتهجتها ادارة بوش وحكومة اسرائيل ودوائر الحلف الاطلسي فتحت ستار "الحرب الوقائية" ضد الارهاب والدفاع عن النفس من خطر الارهابيين كذرائع، لشن الحروب الاستراتيجية العدوانية بهدف الهيمنة السياسية – العسكرية والاقتصادية ومصادرة حق البلدان الضحية بالحرية والسيادة الوطنية وممارسة شريعة الغاب بارتكاب جرائم الحرب، الجرائم ضد الانسانية ضد المدنيين والبنى التحتية المدنية في العراق وافغانستان والباكستان والمناطق الفلسطينية المحتلة. فمعطيات تقرير غولدستون اكدت ان الدافع لارتكاب اسرائيل جرائمها ضد الفلسطينيين والانسانية ليس "دفاعا" عن النفس من الارهابيين، بل لانجاز اهداف سياسية معادية لحق الشعب العربي الفلسطيني الشرعي بالحرية والاستقلال الوطني. كما يمكن اعتبار تقرير غولدستون ادانة صارخة لجرائم الحرب الارهابية الدموية التي يمارسها المحتل الامريكي وحلفاؤه من الحلف الاطلسي في العراق وافغانستان وباكستان.
* ثانيا: تقرير غولدستون يفضح بمعطياته الصارخة المخضبة بدماء الضحايا الفلسطينيين، ولاول مرة منذ النكبة الفلسطينية وقيام اسرائيل سياسة العدوان، لاول مرة يجري رسميا واعتمادا على القانون الدولي والقانون الانساني كشف مدى زيف التضليل الصهيوني والامبريالي العالمي الكاذب الذي كان يصور اسرائيل وكأنها الحمل الوديع الذي يدافع عن نفسه لحماية امنه من ذئاب الوحوش العربية. فجرائم ومجازر المجرمين الاسرائيليين في قطاع غزة، القتل المتعمد للمدنيين من اطفال ونساء وشيوخ والتدمير الهمجي للمدارس والجامعات والمستشفيات ودور العبادة والمباني السكنية وشبكات المياه والكهرباء والتي وثقت جميعها داخل الجرح الفلسطيني العميق وفي وجدان كل من ينتمي الى الهوية الانسانية، هذه الجرائم وغيرها من حصار وتجويع ومختلف اشكال العقوبات الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، قد اثبتت للعالم زيف اسطورة اسرائيل الحضارة والدمقراطية والتقدم وان اسرائيل الواقع بلد استعماري محتل يغتصب الحقوق الوطنية الشرعية للشعب العربي الفلسطيني ويرتكب ابشع جرائم الحرب، الجرائم ضد الانسانية، ضد ابناء وبنات هذا الشعب الضحية. فنظام يمارس جرائم الحرب استنادا الى قانون الغاب والى شريعة هولاكو ونظام الابرتهايد البائد في جنوب افريقيا، نظام كهذا يفرض على المجتمع الدولي عزله ومحاكمته ومعاقبته.
* ثالثا: الموقف الامريكي لادارة اوباما المنحاز في التصويت الى جانب حليفه المجرم الاسرائيلي وضد مطالب الضحية الفلسطينية، يؤكد للمرة التي لا تعد ولا تحصى، ان ادارة اوباما غير متزنة في الموقف من طرفي الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني - العربي، بل داعمة للمواقف العدوانية الاسرائيلية من التواطؤ الامريكي مع التعنت الاسرائيلي في موضوع النشاط الاستيطاني الى الموقف من جرائم التهويد الكولونيالي الصهيوني في القدس الشرقية المحتلة الى التصويت مع اسرائيل  ضد تقرير غولدستون. فهل تدافع دواجن الانظمة العربية ولو مرة واحدة عن كرامتها التي يستبيحها ويهينها وتواظب السجود في محرابه والمقاقاة في قن دواجنه.

 

**** جولات صراع على الطريق!

إن نجاح التصويت وبالاغلبية الساحقة على نقل تقرير لجنة غولدستون الأممية من لجنة حقوق الانسان الى الهيئات الشرعية الاعلى وصاحبة الصلاحية، الى مجلس الامن ولجنة لاهاي والجمعية العمومية للامم المتحدة، هذا النجاح يعني قطع الخطوة الاولى الهامة جدا في الطريق الطويل والصعب لتحقيق الهدف المركزي وهو تجسيد نتائج التقرير ومعاقبة المجرم. وبرأينا ان الامر يتطلب ولدفع عجلة التقرير بقوة في التدرج المرحلي في الهيئات الشرعية الدولية يستدعي الامر الى عدة خطوات تمهيدية. وفي مقدمة هذه الخطوات تصليب وحدة الموقف الفلسطيني، فحركة حماس اتخذت من موقف السلطة بتأجيل التصويت الاول على تقرير غولدستون ذريعة لمقاطعة المصالحة الوطنية في القاهرة. الشعب الفلسطيني بمختلف اطيافه دان في حينه التأجيل وايد عقد جلسة استثنائية لتصحيح الخطأ واجمع الفلسطينيون على تأييد واحتضان الانتصار في التصويت بما في ذلك فتح وحماس. وها قد بَطُل السبب يا حماس ولا اساس بعد لذريعة عدم الذهاب الى القاهرة لتوقيع اتفاقية المصالحة الوطنية لانهاء الانقسام واعادة اللحمة الى وحدة الصف الوطنية الكفاحية لمواجهة التحديات المصيرية. كما انه مطلوب من حماس حسب تقرير غولدستون وبعد التصويت عليه اعطاء كل من اسرائيل وحماس مهلة ثلاثة اشهر، لاقامة لجنة تحقيق لاستخلاص النتائج من التهم المنسوبة لكل طرف والتي بموجبها ستقرر اللجنة الاممية طابع القرار في مجلس الامن الدولي. صحيح ان اكثر من تسعين في المئة من الاتهامات حول ارتكاب جرائم حرب موجهة الى المجرم الحقيقي المعتدي الاسرائيلي، ومن باب "الاتزان" وجهت لحماس بعض الخروقات مثل ضرب الصواريخ على المدنيين في بلدات الجنوب الاسرائيلي، على حماس التحقيق في هذا الامر الذي لا ينفي ابدا جرائم العدوانية الاسرائيلية.
قد تكون الخطوة التالية طرح التقرير على الجمعية العمومية للامم المتحدة قبل طرحه على مجلس الامن الدولي. وقد يكون الدافع نابعا من "حسن نية" او من "سوء نية" من حسن نية ان في الجمعية العمومية للامم المتحدة يمكن حشد اصوات الغالبية الساحقة من ممثلي دول العالم في تأييد قرار غولدستون والتصويت عليه، وانه في هذه الهيئة الشرعية لا تملك الولايات المتحدة الامريكية او غيرها من الدول دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي حق الرفض (الفيتو) لافشال ومنع اتخاذ قرار. ولهذا قد يؤلف التأييد الواسع للقرار مكبس ضغط على الموقف الامريكي في مجلس الامن الدولي لتليينه او لعقد صفقات لافراغ التقرير من بعض مضامينه الاساسية التي تدين الجرائم الاسرائيلية.
اما دافع "سوء النية" فان من يحتضنه يستهدف كسب مزيد من الوقت بجرجرة النقاش في الجمعية العمومية للامم المتحدة اكبر مدة من الزمن، وحتى بالرغم من ادراك اسرائيل وسندها الامريكي ان الاغلبية مضمونة بالتصويت مع التقرير فان تأثيره بالاساس معنوي، يدين جرائم الاحتلال ولكن لا يملك صلاحية محاكمة وفرض عقوبات تدين المجرم وتضعه في قفص الاتهام. وخلال اكثر من ستين سنة منذ نكبة الشعب الفلسطيني "شبعنا حتى التخمة" من ادانة جرائم العدوانية الاسرائيلية ولكن دون معاقبته على جرائمه. اليوم الاحتمال وارد، ولاول مرة، ان يوضع المجرم الاسرائيلي في قفص الاتهام لمعاقبته. وهذا يتعلق بحكمة الموقف الفلسطيني وانصاره في افشال وصد المناورات والمؤامرات لافراغ تقرير غولدستون من مضمونه قبل وصوله مخصيّا الى مجلس الامن الدولي. فبعد ان فشلت مكابس التهديد والضغط الشرس الاسرائيلي – الامريكي في قبر تقرير لجنة غولدستون في لجنة حقوق الانسان الاممية وتجنيد اكثرية بعدم التصويت لنقل التقرير الى مجلس الامن الدولي، بعد هذا الفشل فان التحالف الاستراتيجي العدواني الامريكي – الاسرائيلي سيلجأ الى عدة وسائل تضليلية ثعلبية لكسر الموقف العادل من تقرير غولدستون. سيكثرون من الترويج لاسطوانة التضليل المهترئة بان مواصلة البحث في تقرير غولدستون في مجلس الامن يفقد الامل بنجاح العملية السلمية في المنطقة. هذا من جهة، ومن جهة اخرى ستحاول ادارة اوباما بالتنسيق مع حليفها الاسرائيلي والحلفاء في الحلف الاطلسي وبعض انظمة الدواجن العربية القيام بمناورة جديدة، بمؤامرة جديدة تحت ستار "مبادرة جديدة" توهم الرأي العام العالمي وخاصة الفلسطيني والعربي انها تحمل في طياتها فرج تسوية الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني. في عدد "الاتحاد" يوم الجمعة الاخير "16-10-2009" حذرت من مناورة تآمرية جديدة يجري اعدادها في سراديب التنسيق الامريكي- الاسرائيلي واوردتها صحيفة "يديعوت احرونوت" يوم الخميس 15-10-2009 فتحت عنوان" تخطي الجمود" فان ادارة اوباما وبعد فشلها في وقف عمليات الاستيطان وتهويد القدس، فانها تبلور خطة سياسية جديدة مدلولها دعوة الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني الى التفاوض حول القضايا الجوهرية للحل الدائم، حول قضايا الحدود والقدس واللاجئين والامن، وان الموفد الخاص لرئيس الحكومة نتنياهو المحامي يتسحاق مولخو موجود في واشنطن ويتحادث مع المسؤولين الامريكيين حول هذه الخطة. انها مناورة لكسب وجرجرة الوقت حول مفاوضات "طحن الماء"، فعن أي حدود سيجري التفاوض في وقت تواصل فيه حكومة الاحتلال بناء جدار الضم والعزل العنصري الذي سيبتلع كتل الاستيطان وغور الاردن والبحر الميت لضمها الى اسرائيل، وعن أي قدس يجري التفاوض في وقت تسابق فيه حكومة الجرائم الزمن لتهويد القدس جغرافيا وديموغرافيا. ومن يرفع مطلب يهودية الدولة لمصادرة حق الفلسطينيين في وطنهم، فهل يمكن ان يكون موقفه غير التنكر المطلق لحق العودة للاجئين الفلسطينيين، مناورة تستهدف فيما تستهدف ابتزاز تراجع سياسي فلسطيني وعربي في الموقف من تقرير غولدستون. وسيبقى الرهان الاساسي للتحالف العدواني الاسرائيلي – الامريكي مبنيا على تعميق الانقسامات الفلسطينية والعربية وعرقلة مساعي وجهود المصالحة ورص صفوف الوحدة الكفاحية.
اما الرهان الوطني المصيري الذي يخدم المصلحة الفلسطينية العليا، في التخلص من جهنم الاحتلال الاسرائيلي وانجاز الحق الوطني بالتحرر والدولة والقدس والعودة، فانه مبني على تعزيز الوحدة الوطنية الكفاحية المتمسكة بالثوابت الوطنية وبـ م. ت. ف كممثل وحيد وشرعي للشعب الفلسطيني.

 

نقلا عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
commentaires

Haut de page